بسم الله الرحمن الرحيم
مصادر تلوث المياه :
لابد لنا من معرفة مصادر تلوث المياه وفعل المياه الملوثة في نشر الأمراض، وذلك لنسعى جهدنا في وقاية المياه من التلوث وبخاصة مياه الشرب، ولنحترز عن الملوث منها، ولندرك حكمة هدي النبوة في وقاية المياه من التلوث، وفي الحكم على بعض المياه بالنجاسة، وفي وجوب التطهر من النجاسات، والتحرز عنها.
إن مصادر تلوث المياه هي غالباً التخلي عن الفلاة والمراحيض غير الفنية قرب المياه، وكذلك المجاري العامة والمزابل والسواد والجيف وبول الحيوانات ورجيعها ونحوها، إذا تسرب شيء منه إلى الماء. ولقد اعتبر الشارع الحكيم أن جميع تلك الأشياء نجسة يجب التحرز عنها كما عدها الطب مصدراً رئيسياً من مصادر الجراثيم وتلوث المياه.
وقد يتلوث الماء باغتسان الإنسان فيه إذا كان جلده ملوثاً.
إن تلوث المياه يثبت إذا كانت قليلة راكدة، بينما يخف أو يزول في المياه الجارية بعوامل طبيعية متعددة طبيعة متعددة كتأثير الهواء ونور الشمس في الأنهار وخاصة الصخور والرمال المتراكمة. وتتوفر تلك العوامل الطبيعية في الأنهار وخاصة طويلة الجريان.
وكذلك يخف التلوث أو يزول بترشيح الماء من طبقات الأرض.
فكلما كانت الطبقات سميكة ومساعدة على تصفية الماء كان الماء المترشح منها عقيماً خالياً من الجراثيم ولذا توصي كتب الصحة أن يكون التبرز في مراحيض فنية بعيدة عن الآبار وعن موارد المياه وذات تصريف فني إلى حفر فنية عميقة أو كهريس مستور. وكذلك الأمر بالنسبة للمزابل والسواد كما توصي أن يحتاط في اختيار مكان البئر وفي بناء جدرانه وفي إصلاح الأرض حول فوهته بصورة تمنع تلوث مائة.
فعل الماء الملوث في عدوى الأمراض:
آـ إن تلوث الماء ببراز الإنسان يكون واسطة للعدوى ببعض الأمراض عن طريق شربه أو تناول ما تلوث به، أو عن طريق الانغماس فيه. وذلك لاحتوائه جراثيم البراز وبيوض طفيلياته وأجنة بعض الطفيليات.
وإليكم أهم تلك الأمراض:
1. الإنتانات المعوية وقد يصبح الماء الملوث بجراثيمها سبباً في سراية بعض أنواعها بشكل جوائح أو أوبئة كالهيضة(الكوليراً) والحمى التيفية والزحار العصوي.
2. الإسهالات الطفيلية مثل الزحار المتحولي وداء اللامبليا.
3. الديدان المعوية مثل حيات البطن وشعرية الرأس والحرقص.
تلك أمراض تنتقل إلى الإنسان بواسطة الماء أو الغذاء الملوثين ببيوض تلك الديدان.
4. وهناك أمراض طفيلية تخترق أجنة طفيلياتها جلد الإنسان وتتطور في جسمه لتستقر في جهازه الهضمي محدثة أمراضها مثل داء الملقوات العفجية (الأنكيلوستوما)[6] وداء البلهارزيات [7] الحشوي والمعوي.
فإذا عرفنا فعل البراز في نشر الأمراض أدركنا إحدى الحكم في سنية تقليم الأظافر، ووجوب إزالة النجاسة وتطهير مكانها، وإن الأفضل في الإستنجاء الجمع بين المسح بجامد طاهر أولاً واستعمال الماء ثانياً. ويجب صحياً أن تغسل الأيدي بعده بالصابون.
ب ـ إن تلوث الماء ببول الإنسان قد يكون واسطة للعدوى بداء البلهارزيات المثاني وبأمراض الجراثيم المطروحة مع البول.
ج ـ إن تلوث الماء بالصديد ومفرزات بعض أمراض الجلد وتقرحاته يكون سبباً في انتقال الجراثيم والعوامل الممرضة ودخولها من جلد الإنسان المتلين بالماء أو من منافذه.
وإن داء الخيطيات المدنية(العرق المدني) يحدث بعد ابتلاع البلاعط الحاوية على أجنة تلك الخيطيات .ومن مكان تقرح جلد المصاب بها تلقي الدودة الكهلة أجنحتها كلما أحست ببردوة الماء حولها.
ولهذا يجب على المصاب بتلك الأمراض أن يتجنب تلويث المياه بغمس أعضائه المريضة أو السباحة أو الاغتسال فيها وخاصة إذا كان الماء قليلاً أو راكداً.
و ـ إن تلوث الماء ببول الحيوانات ورجيعها قد يكون واسطة لنقل بعض الأمراض الإنتانية والطفيلية. فمثلاً: إن الماء الملوث ببراز الكلاب المصابة بديدان الشريطية المكورة المشوكة (أو بفمها الملوث من برازها) يكون حاوياً على بيوض تلك الدودة فإذا شرب الإنسان من ذلك الماء الملوث تطورت البيوض في جسمه وأحدثت فيه داء الكيس المائي (أو الكيس الكلبي) كما سنرى .
ذلكم موجز عن فعل المياه الملوثة في نقل الأمراض ونشرها. ولذلكم يجب حفظ المياه من التلوث وتجنب الملوث منها، وإصلاح ما يضطر إلى استعماله منها.
هذا وتكافح النواعم والمحار التي تتطفل عليها أجنة منشقات الجسم (البلهارزيا) بتربية البط في المياه الحاوية عليها، ويمكن إتلاف المحار في المنابع بكبريتات النحاس وكبريتات النشادر، وتطهر تلك المياه بالكرهزيل بنسبة واحد إلى ألف، أو كلور الكلس بنسبة واحد إلى خمسة آلاف لمياه الشرب.