إبن العربي
مؤلف هذا التفسير هو: أحد الأعلام الكبار ـ ختام علماء الأندلس وآخر أئمتها وحفاظها القاضي أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أحمد ـ المعافري الأندلسي الاشبيلي.
ولدأبو بكر سنة468 هجرية وتأدب ببلده وقرأ القراءات وسمع به من أبي عبد الله بن منظور وأبي محمد بن خزرج ثم انتقل ورحل إلي جملة من البلاد والأقطار فسمع العلم في بلاد الاندلس وبخاصة قرطبة التي زخرت بالعلماء
له شهرة في فنه وعلمه فعن هؤلاء وهؤلاء أخذ جملة من الفنون حتي اتقن الفقه والأصول وقيد الحديث واتسع في الرواية واتقن مسائل الخلاف والكلام وتبحر في التفسير وبرع في الأدب والشعر.
وأخيرا وبعد هذه الرحلات المتوالية والجد في طلب العلم عاد ابن العربي وفي جعبته العلم الكثير.
كان متقدما في المعارف كلها ـ متكلما في أنواعها ـ نافذا في جمعها ـ وحريصا علي أدائها ونشرها حتي قالوا عنه:
إنه أحد من بلغ مرتبة الاجتهاد واحد من انفرد بالاندلس بعلو الإسناد ويجمع إلي ذلك كله:
آداب الاخلاق مع حسن المعاشرة وكثرة الاحتمال ـ وكرم النفس وحسن العهد وثبات الود وغير ذلك من صفات العلماء العاملين الذين يألفون ويؤلفون رضي الله عنه وارضاه. واستقضي أبو بكر ببلده فنفع الله به أهلها لصرامته وشدته ونفوذ أحكامه وكانت له في الظالمين سورة مرهوبة يؤثر عنه في قضائه احكام غريبة ثم صرف عن القضاء وأقبل علي نشر العلم وبثه. وكان نصيحا أديبا شاعرا كثير الخير مليح المجلس يتعرض تفسير ابن العربي: أحكام القرآن لآيات الأحكام في القرآن الكريم كما يظهر من اسمه ـ وطريقه في تفسيره: أن يذكر السورة ـ ثم يذكر عدد ما فيها من آيات الاحكام ثم يأخذ في شرحها آية آية قائلا: الآية الأولي وفيها خمس مسائل مثلا.
والآية الثانية وفيها سبع مسائل مثلا.. وهكذا حتي يفرغ من آيات الاحكام الموجودة في السورة كلها.
وكتاب أحكام القرآن يعتبر مرجعا مهما للتفسير الفقهي عند المالكية وذلك لأن ابن العربي كان مالكي المذهب كثير التعصب له والدفاع عنه.
والذي يتصفح هذا التفسير يلمس منه روح الإنصاف لمخالفيه أحيانا ـ كما يلمس منه روح التعصب المذهبي التي تستولي علي صاحبها فتجعله أحيانا كثيرة يرمي مخالفيه وان كان اماما له قيمته ومركزه بالكلمات المقذعة اللاذعة تارة بالتصريح وتارة بالتلميح.
فإذا أضيف إلي ذلك ما ذكرناه من قبل إنه جمع آداب الاخلاق وحسن المعاشرة وكثرة الاحتمال وكرم النفس وحسن العهد وثبات الود.. إذا أضيف ذلك علمنا أن ما كتبه ابن العربي في كتبه كلها انما هو محوط بسياج الروح العلمية الاسلامية الكريمة من عالم جمع إلي العلم وفضله العمل به والسير علي منواله.