ولم يزل هذا الشرك يتفشى في الناس إلى عصرنا هذا بسبب غلبة الجهل وبعد العهد بعصر النبوة.
وشبهة هؤلاء المتأخرين شبهة الأولين وهى قولهم: هَـؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ [يونس:18]، مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى [الزمر:30].
وقد أبطل الله هذه الشبهة وبين أن من عبد غيره كائناً من كان فقد أشرك به وكفر، كما قال تعالى: وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ [يونس: 18]، فرد الله عليهم سبحانه بقوله: قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [يونس:18].
فبيّن سبحانه في هذه الآيات أن عبادة غيره من الأنبياء والأولياء أو غيرهم هي الشرك الأكبر وإن سماها فاعلوها بغير ذلك.
وقال تعالى: وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى [الزمر:3]. فرد الله عليهم سبحانه بقوله: إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ [الزمر:3].
فأبان بذلك سبحانه أن عبادتهم لغيره بالدعاء والخوف والرجاء ونحو ذلك كفرٌ به سبحانه، وأكذبهم في قولهم أن آلهتهم تقربهم إليه زلفى.