قال المصنف رحمه الله :
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده ، و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده و على آله و صحبه .
أما بعد :
فلما كانت العقيدة الصحيحة هي أصل دين الإسلام و أساس الملة رأيت أن تكون هي موضوع المحضرة .
و معلوم بالأدلة الشرعية من الكتاب و السنة أن الأعمال و الأقوال إنما تصح و تقبل إذا صدرت عن عقيدة صحيحة فإن كانت العقيدة غير صحيحة بطل ما يتفرغ عنها من أعمال و أقوال كما قال تعالى : (ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله و هو في الآخرة من الخاسرين ).
و قال تعالى : ( و لقد أوحي إليك و إلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك و لتكونن من الخاسرين). و الآيات في هذا المعنى كثيرة .
و قد دل كتاب الله المبين و سنة رسوله الأمين عليه من ربه أفضل الصلاة و التسليم على أن العقيدة الصحيحة تتلخص في الإيمان بالله و ملائكته و كتبه و رسله و اليوم الآخر و بالقدر خيره و شره ، فهذه الأمور الستة هي أصول العقيدة الصحيحة التي نزل لها كتاب الله العزيز ، و بعث الله بها رسوله محمدا عليه الصلاة و السلام .
و يتفرع عن هذه الأصول كل ما يجب الإيمان به من أمور الغيب .
و جميع ما أخبر الله به و رسوله صلى الله عليه و سلم و أدلة هذه الأصول الستة في الكناب و السنة كثيرة جدا ، فمن ذلك قول الله سبحانه : (ليس البر أن تولوا وجهكم قبل المشرق و المغرب و لكن البر من آمن بالله و اليوم الآخر و الملائكة و الكتاب و النبيين ).
و قوله سبحانه : (آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه و المؤمنون كل آمن بالله و ملائكته و كتبه و رسله لا نفرق بين أحد من رسله) الآية .
وقوله سبحانه : (ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء و الأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير ).
أما الأحاديث الدالة على هذه الأصول فكثيرة جدا .
منها الحمديث الصحيح المشهور الذي رواه مسلم في صحيحه من حديث أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن جبريل عليه السلام سأل النبي صلى الله عليه و سلم عن الإيمان ، فقال له : "الإيمان أن تؤمن بالله و ملائكته و كتبه و رسله و اليوم الآخر و تؤمن بالقدر خيره و شره ".
الحديث و أخرجه الشيخان من حديث أبي هريرة .
و هذه الأصول الستة : يتفرع عنها جميع ما يجب على المسلم اعتقاده في حق الله سبحانه و في أمر المعاد و غير ذلك من أمور الغيب .