أولا : الإيمان بالله
من الإيمان بالله سبحانه الإيمان بأنه الإله الحق المستحق للعبادة دون كل من سواه لكونه خالق العباد و المحسن إليهم و القائم بأرزاقهم و العالم بسرهم و علانيتهم ، و القادر على إثابة مطيعهم و عقاب عاصيهم ، و لهذه العبادة خلق الله الثقلين و أمرهم بها كما قال تعالى : ( وما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق و ما أريد أن يطعمون إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين).
و قال سبحانه : ( يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم و الذي من قبلكم لعلكم تتقون ، الذي جعل لكم الأرض فراشا و السماء بناء و أنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله أندادا و أنتم تعلمون ).
و قد أرسل الله الرسل و أنزل الكتب لبيان هذا الحق و الدعوة إليه ، و التحذير مما يضاده كما قال سبحانه : ( و لقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله و اجتنبوا الطاغوت ).
و قال تعالى : ( و ما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون ).
و قال عز و جل : ( كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير أن لا تعبدوا إلا الله إنني لكم منه نذير و بشير ).
و حقيقة هذه العبادة هي إفراد الله سبحانه بجميع ما تعبد العباد من دعاء و خوف و رجاء و صلاة و صوم و ذبح و نذر و غير ذلك من أنواع العبادة على وجه الخضوع له و الرغبة و الرهبة مع كمال الحب له سبحانه و الذل لعظمته .
و غالب القرآن الكريم نزل في هذا الأصل العظيم .
كقوله سبحانه : (فاعبد الله مخلصا له الدين ألا لله الدين الخالص ).
و قوله سبحانه : ( و قضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه).
و قوله عز وجل : ( فادعوا الله مخلصين له الدين و لو كره الكافرون )، وفي الصحيحين عن معاذ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : "حق الله على العباد أن يعبدوه و لا يشركوا به شيئا ".
ومن الإيمان بالله أيضا : الإيمان بجميع ما أوجبه على عباده و فرضه عليهم من أركان الإسلام الخمسة الظاهرة و هي : شهادة أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله و إقام الصلاة و إيتاء الزكاة ، و صوم رمضان ، و حج بيت الله الحرام لمن استطاع إليه سبيلا ، و غير ذلك من الفرائض التي جاء بها الشرع المطهر .
و أهم هذه الأركان و أعظمها شهادة أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله .
فشهادة أن لا إله إلا الله تقتضي إخلاص العبادة لله وحده و نفيها عما سواه ، و هذا هو معنى لا إله إلا الله ، فإن معناها لا معبود بحق إلا الله فكل ما عُبد من دون الله من بشر أو ملـَك أو جني أو غير ذلك فكله معبود بالباطل ، و المعبود بالحق هو الله وحده كما قال سبحانه : (ذلك بأن الله هو الحق و أن ما يدعون من دونه هو الباطل ).
و قد سبق بيان أن الله سبحانه خلق الثقلين لهذا الأصل الأصيل و أمرهم به ، و أرسل به من رسله و أنزل به كتبه ، فتأمل ذلك جيدا و تدبره كثيرا ليتضح لك ما وقع فيه أكثر المسلمين من الجهل العظيم بهذا الأصل الأصيل حتى عبدوا مع الله غيره ، و صرفوا خالص حقه لسواه ، فالله المستعان.
و من الإيمان بالله سبحانه : الإيمان بأنه خالق العالم و مدبر شؤونهم و المتصرف فيهم بعلمه و قدرته كما يشاء شبحانه و أنه مالك الدنيا و الآخرة و رب العالمين جميعا لا خالق غيره ، و لا رب سواه ، و أنه أرسل الرسل و أنل الكتب لإصلاح العباد و دعوتهم إلى ما فيه نجاتهم و صلاحهم في العاجل و الآجل ، و أنه سبحانه لا شريك له في جميع ذلك ، كما قال تعالى : ( الله خالق كل شيء و هو على كل شيء وكيل).
و قال تعالى : (إن ربكم الله الذي خلق السماوات و الأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا و الشمس و القمر و النجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق و الأمر تبارك الله رب العالمين ).