المقدمة الأولى:
أصول الأدلة الكلامية:
هو: للمتكلمين خمسة المقدمات في إثبات وجود الله، كلها مبنية على مقدمة واحدة: المسلك الأول يثبتون حدوث الأجسام و الذوات و بالتالي فكونها محدثة يعني أن لها محدثه، ولإثبات حدوث الأجسام يثبتون حدوث الأعراض وهي مايقوم بالجواهر الزائلة لأجسام كالحركة والسكون والاجتماع والافتراق.
و هذا المسلك قاد المتكلمين إلى نفي صفات الله، و أفعاله القائمة به، اما صفات دون الأسماء كالمعتزلة أو بإثبات البعض دون الآخر كالأشاعرة والماتوريدية أي إنهم نفوها بناء على قولهم بنفي قيام الحوادث بذاته سبحانه وتعالى، فهم يقولون بأننا لو أثبتنا صفات الله لقلنا بحلول الحوادث بذاته ولذلك اعترضت عليهم الفلاسفة و ألزموهم بالقول بالترجيح بدون مرجح، مع أن المتكلمين أساسا يحتجون على خلق العالم بوجوب وجود مرجح، رجح كفة الوجود على العدم، وكفة الحركة على السكون.
المسلك الثاني:
الاستدلال بإمكان الأجسام على وجود الله الصانع لها،وهذا المسلك يقول بوجود التأثير وهو ماذهب اليه بعض المتكلمين وجمهور الفلاسفة كابن سينا وأتباعه كالجنابي وابن عربي وغيره.
المسلك الثالث:
الاستدلال بإمكان الصفات على وجود الله، سواء كانت الأجسام واجبة وقديمة، أو ممكنة و حادثة
قال علامة شيخ العيمين أن اثبات الجسمية يتوقف على وروده في نصوص الشرعية فذكر في فحوى الكلام ان لفظا لا يمكن اثباته لأنه لم يرد لا في الكتاب والسنة اما معنى فنفصل ونستفصل. مامقصود بالجسمية عندك؟أهو شيء مركب من الأجزاء يفتقر أحدهم الى الاخر؟ فهذا لا نبته بل هو ضلال وكفر,اما ان قصدت بالجسم انه شيء قائم بنفسه غير مفتقر الى غيره ذو صفات تليق بجلاله فهذا حق نقر به من غير اثباته لفظ ، م ان هذا المسلك قائم على نظرية تمال الأجسام.
عموما جعلوا الجوهر هو متحيز رغم انه نقطة الخلاف بين المتكلمين والفلاسفة والنصارى الا أنه رأي الغالب عموما .جاء في شرح العقائد أن أن الجواهر نوعان: مايقبل القسمة وهو الجسم ,وما لا يقبله وهو جوهر الفرد.
واعتقد أكثرهم أنه لا فرق بين الأجسام فهي متماثلة عندهم مادام أن أصله جواهر وانما يعود الخلاف الى الأعراض القائمة به.
قلت:أن تماثل الأجسام بوجود الجواهر والاختلاف يكمن في عدد الجواهر والأعراض القامة به لا يقول به جمهور العقلاء لأن الهواء ليس كالماء وهذا القول ذكره الجرجاني في تعريفه وعزاه الى جماعة المتكلمين منهم الامدي ويره والله أعلم.
قال شيخ مختار الطيباوي رجعه الله الى منهج الحق وعفا عنه:
المسلك الرابع:
وهو الاستدلال بحدوث الصفات و الأعراض على وجود الله تعالى، مثل أن تصير النطفة المتشابهة الأجزاء في بطن المرأة إنسانا، فإذا كانت تلك التركيبات أعراضا حادثة، و العبد غير قادر عليها، فلا بد من فاعل آخر، ولعل القاري يرى تشابها بين المسلك الثالث و الرابع، فليعلم أن الاستدلال بإمكان الصفات يقتضي عندهم أن لا يكون الفاعل جسما, الاستدلال بحدوث الصفات لا يقتضي ذلك.
هذا المسلك الرابع ـ كما قال شيخ الإسلام في " الدرء "ـ جزء من الطريقة القرآنية و النبوية و السلفية و العقلية، فإن الله سبحانه يذكر في كتابه ما يحدثه و يخلقه من السحاب و المطر و الزرع و الثمار و الحيوان، وخلق السموات و الأرض، والليل و النهار على كونه هو الخالق لها، فهذه المخلوقات تدل على أن خالقا خلقها، وأوجدها ونظم سيرها وغير ذلك.
و لكن المتكلمين يسمون هذا الاستدلال بالمخلوقات استدلالا بحدوث الصفات، ومعلوم أن هذه المخلوقات ليست أوصافا فقط بل هي أعيان تحمل أوصافا، و هم إنما يقولون هذا بناء على أن هذه المخلوقات{ الحوادث} المشهود حدوثها لم تحدث ذواتها، لم تخلق نفسها، بل الجواهر و الأجسام التي كانت موجودة قبل ذلك لم تزل من حين حدوثها ـ بتقدير حدوثها ـ ولا تزال موجودة، و إنما تغيرت صفاتها ـ بتقدير حدوثها ـ كأن تتغير صفات الجسم إذا تحرك بعد السكون، و هذا أمر أنكره العقلاء عليهم، فمعلوم أن ما يخلقه الله من المخلوقات لم تكن موجودة أعيانها، نعم منذ خلق الله الأرض لا يزال المطر ينزل عليها ولكنه ليس هو المطر الذي ينزل الآن، فجنس المطر كان أما هذا فهو عين خلقها الله الآن وليس في القرون الخالية، فقولهم يقتضي أن خلق هذه المخلوقات المذكورة في القرآن هو بإحداث أوصافها أو قل خلق أوصافها، كالجسم إن حركته بعد سكون تغيرت صفاته كلونه و شكله ووضعيته أما هو فلم يتغير.
فحقيقة قولهم أن الله لم يزل معطلا لا يفعل شيئا، ولا يتكلم بمشيئته وقدرته ثم أبدع و خلق جواهر من غير فعل يقوم به، لأنه لو قام به فعل الخلق، وهذه المخلوقات لها أول، لكان محلا للحوادث، وماهو محلا للحوادث لا يكون إلا جسما و ماكان جسما لا بد أن يكون محدثا، و بعد أن خلق هذا الجواهر انتهى الخلق بالنسبة إليه، ولم يعد يخلق شيئا، إنما تحدث صفات تقوم بهذه الجواهر.
فالفلاسفة يثبتون المادة والصورة، و يجعلون المادة والصورة جوهرين، والمتكلمين أشاعرة ومعتزلة يقولون: ليست الصورة إلا عرضا قائما بجسم.
فالمتكلمون لم يفرقوا بين الصورة الصناعية و الطبيعية و الكلية و الأولية، فلئن صح قولهم في الصورة الصناعية و أنها ليست إلا عرضا قائما بالجسم كالفضة إذا صنعناها دينار أو خاتما أو كأسا فلا ريب أن المادة هنا و التي هي الفضة هي الجواهر أو ما يسمونه الهيولي و أن كونها خاتما أو دينار أو كأسا هو نقلها من شكل إلى شكل مع بقاء مادتها كما هي بدون تغير، فالصورة هنا ليس إلا صفة أو عرضا قائما بهذه المادة.
و لكن الصورة الطبيعية كصورة الإنسان و صورة الحيوان، وصورة الحشرات، وصورة الطيور، و صورة الأشياء الأخرى لا يمكن أن نقول أنها مادة واحدة اتخذت أشكالا مختلفة، فإن أرادوا بالصورة نفس الشكل فهو نعم عرض قائم بهذه الأجسام، و إن أريد بالصورة نفس هذا الجسم المتصور، فلا ريب أنه جوهر محسوس قائم بنفسه.
المهم قاس المتكلمون الاستدلال بهذا الدليل، وهو افتقار المخلوقات إلى خالق و المحدثات إلى محدث، والمصنوعات إلى صانع على افتقار البناء إلى بان، والكتابة إلى كاتب، و هذا قياس ضعيف لأننا نعلم أن الكاتب و البنّاء لم يبدعا جسما، وإنما أحدث في أجسام موجودة تغييرا و تأليفا خاصا، فحولوا الحجارة إلىمآذنة أو بيت أو صهريج وهذا تغير لعرض من الإعراض أي تغير لعرض و صفة البناء لا إحداثا له، فيستحيل أن نقيس الكاتب و الباني على من أحدث الذوات فخلق الإنسان من نطفة، والشجرة من نواة، فهذا لم يخلق صفات فقط ولكنه خلق ذوات بصفاتها.
فنظرية تماثل الأجسام عندهم هي أنهم يقولون بوجود الهيولي الكلية، لأنهم زعموا أن بين أجسام العالم جواهرا قائما بنفسه تشترك فيه هذه الأجسام، ونحن نعلم أنه ليس بين هذا الجسم و الجسم الآخر قدر مشترك موجود في الخارج أصلا، كوجود قطعة مشتركة بين جسم الإنسان وجسم الحيوان، بل كل منهما متميز عن الآخر بنفسه المتناولة لذاته هو وصفاته هو، ولكن يشتركان في المقدارية أي لكل منهما مقدار وكيف مما هو من خواص الأجسام اللازمة لها، وهذا لا يوجب تماثلهما و اشتراكهما في جوهر قائم بنفسه، هذا من أعجب الخيال.
المهم أن تعرف أن استدلال هؤلاء ببعض ما هو موجود في القرآن من طريق الاستدلال، لا يشبه ما في القرآن إلا شكلا لأنهم يبنونه على قواعدهم في الأجسام والأعراض و نظريتهم في الجوهر الفرد.
المسلك الخامس:
وهي الاستدلال بما في العالم من الإحكام و الإتقان على علم الفاعل، والذي يدل على علم الفاعل يدل على ذاته بطريق أولى.
وهذا الدليل عند ابن رشد يسمى دليل العناية والاختراع و عند أهل السنة يسمى دليل الحكمة، أي يستدلون بوجود الانضباط والإتقان، والانسجام و التناسق على علم وحكمة الصانع.
هذه مجمل المسالك التي ينتهجها بني البشر في إثبات وجود الله، قد عرفت لما سموا الله واجب الوجود، وماذا يقصدون بالوجود، و أنها طرق منها ماهو صحيح و لكن صيغته عندهم باطلة قليلة النفع، و أن أقوم الطرق الطريقة القرآنية الخالية من تصورات المتكلمين كما سيبينه شيخ الإسلام لا حقا.انتهى .
ندعوا الله عزوجل ان يرد الشيخ الى الحق ردا جميلا.
كيفية اثبات السلف لصفات الله
أولا: إثبات صفات الكمال على وجه التفصيل ونفيه عنه على سبيل الاجمال.
أرأيت ملكا دخل عنده مداح وقال له:أنت لست كساح ولا زبال ولا مجنون ولاعساس ولا أبكم ولا أصم فحتما سيعاقبك لأنه ظنك تتنقص من شأنه فالله عزوجل أولى من تنزيهه من عبده.
ثانيا: تنزيهه عن التمثيل، فليس كمثله شيء.